ج: تارك الصلاة على حالين: إحداهما: أن يترك الصلاة مع الجحد للوجوب، فيرى أنها غير واجبة عليه وهو مكلف، فهذا يكون كافرا كفرا أكبر بإجماع أهل العلم، فمن جحد وجوبها كفر بإجماع المسلمين، وهكذا من جحد وجوب الزكاة، أو جحد وجوب صوم رمضان من المكلفين، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو جحد تحريم الزنا، وقال: إنه حلال، أو جحد تحريم الخمر، وقال: إنه حلال، أو جحد تحريم الربا، وقال: إنه حلال. كل هؤلاء يكفرون بإجماع المسلمين. الحالة الثانية: من تركها تهاونا وكسلا وهو يعلم أنها واجبة، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من كفره كفرا أكبر. وقال: إنه يخرج من ملة الإسلام ويكون مرتدا، كمن جحد وجوبها فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه إذا مات، ولا يدفن مع المسلمين ولا يرثه المسلمون من أقاربه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة رواه مسلم ، وهذا صريح منه صلى الله عليه وسلم بتكفيره. والكفر والشرك إذا أطلق بالتعريف هو الكفر والشرك (الجزء رقم : 29، الصفحة رقم: 164) الأكبر. وقال عليه الصلاة والسلام: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر خرجه الإمام أحمد ، وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، مع أحاديث أخرى جاءت في الباب. وقال آخرون من أهل العلم: إنه لا يكفر بذلك كفرا أكبر، بل هو كفر أصغر؛ لأنه موحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويؤمن بأنها فريضة عليه وجعلوها كالزكاة والصيام والحج لا يكفر من تركها إنما هو عاص، وقد أتى جريمة عظيمة، ولكنه لا يكفر بذلك الكفر الأكبر. والصواب القول الأول؛ لأن الصلاة لها شأن عظيم غير شأن الزكاة والصيام والحج. وهي أعظم من الزكاة والصيام والحج. وهي تلي الشهادتين وهي عمود الإسلام. كما قال عليه الصلاة والسلام: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة . ومن ذلك ما ثبت في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما في مسند أحمد بإسناد جيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوما بين أصحابه فقال: من (الجزء رقم : 29، الصفحة رقم: 165) حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف قال بعض أهل العلم: إن حشره مع هؤلاء يدل على أنه كافر كفرا أكبر؛ لأن حشره مع رؤوس الكفرة يدل على أنه قد صار مثلهم. أ ه.